هاذ هو صديقكم ياعرب

بوش أكثر صهيونية

بوش خلال كلمته أمام الكنيست "إنه أكثر صهيونية من وزراء عدة يجلسون في حكومة إسرائيل"..هكذا أشاد سيلفان شالوم عضو الكنيست ووزير الخارجية الأسبق بخطاب الرئيس الأمريكي أمام الكنيست الإسرائيلي الخميس 15-5-2008 والذي امتلأ بإشارات دينية واقتباسات من التوراة والتلمود لتأكيد الدعم اللامحدود لإسرائيل؛ حيث تنبأ "بحياة أبدية للدولة العبرية في شرق أوسط بلا مقاومة". وقد أثارت كلمة بوش -التي جاءت خلال احتفالات إسرائيل بمرور 60 عاما على اغتصابها أرض فلسطين- استياء صحف عربية وغربية وصفت الرئيس الأمريكي بأنه "حاخام إسرائيلي"، واعتبروها تكشف عن "تطرفه الديني"، فيما وصف محللون ودبلوماسيون توقعاته للشرق الأوسط خلال الـ60 عاما المقبلة بأنها "مجرد هلاوس وأحلام".
وبدأ بوش خطابه باللغة العبرية قائلا: "يوم استقلال سعيد لإسرائيل" فصفق الكنيست له ثم قال في حين آخر باللغة العبرية (مسعدة لن تسقط ثانية) في إشارة للتوارة ببقاء اليهود رغم عملية الانتحار الجماعي التي قاموا بها في قلعة مسعدة على الضفة الغربية من البحر الميت حين حاصرهم الرومان.

وفي إشارة دينية أخرى، روى بوش -المعروف عنه تدينه- حكاية مفادها أن آخر جندي بريطاني غادر القدس في القرن الماضي سلم أحد مفاتيحها للحاخامات اليهود الذين قالوا له: إن هذه أول مرة نأخذه منذ 18 قرنا. وأوضح زعيم حزب المفدال الديني المتطرف زفولون أورليف أنه تأثر كثيرا بخطاب بوش قائلا: "إن بوش يتحدث مثل أعضاء المفدال وإن حبه اللامتناهي لإسرائيل أثار مشاعري".
وبدوره قال المذيع بالتلفزيون الإسرائيلي معلقا على خطاب بوش بعد انتهائه لمشاهديه على الهواء مباشرة: "إن أي زعيم أجنبي في العالم لم يدعم ولم يقف مع إسرائيل مثلما فعل بوش اليوم الخميس خلال خطابه أمام الكنيست".

الشعب المختار

وبلغ إجمالي عدد المرات التي صفق فيها أعضاء الكنيست لبوش 19 مرة، كما وقفوا له 4 مرات وظلوا يصفقون وهم مذهولون لما يقوله الرئيس الأمريكي الذي بدا صهيونيا أكثر من الكنيست نفسه على حد وصف شالوم عضو الكنيست عن حزب الليكود وزير الخارجية في حكومة إرييل شارون.
ونقل التلفزيون الإسرائيلي عن شالوم قوله أمس معلقا على خطاب الرئيس الأمريكي: "إن بوش من خلال موقفه من حماس أثبت أنه أكثر صهيونية من وزراء عدة يجلسون في حكومة إسرائيل".
الصحف الغربية من جهتها رصدت الإشارات الدينية في خطاب بوش، وتجاهله للقضية الفلسطينية. وكتب مراسل صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية في القدس دونالد ماكنتاير تحت عنوان: "بوش يحيي الإسرائيليين كالشعب المختار ولكنه يتجاهل الفلسطينيين في يوم النكبة".
وقال ماكنتاير: "إن بوش بخطابه الديني تجاهل يوما شرد فيه 700 ألف شخص من ديارهم أو فروا منها قبل 60 عاما".

بوش التوراتي

وتحت عنوان "بوش التوراتي يهدي 300 مليون أمريكي لإسرائيل" كتبت صحيفة "الخليج" الإماراتية تقول: "تقمص الرئيس الأمريكي دور حاخام يلقي خطابا توراتيا، وأهدى الإسرائيليين 300 مليون أمريكي، وتفوق بذلك في تطرفه على رئيس الوزراء (الإسرائيلي) ايهود أولمرت وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، في وقت اكتفى العرب بإحياء ذكرى النكبة بالتظاهرات والتصريحات والبيانات".
وقال بوش في خطابه: "ربما يكون تعداد سكان إسرائيل 7 ملايين نسمة فقط، لكن عندما تواجهون إرهابا أو شرا فأنتم 307 مليون نسمة؛ لأن أمريكا تقف بجانبكم".
ومن جهتها كتبت صحيفة الدستور الأردنية تقريرًا عن حول الخطاب تحت عنوان "خطاب توراتي لبوش" أما صحيفة "السفير" اللبنانية من جهتها فعنونت تقريرها بـ"بوش يعلن وعد بلفور الثاني".
وقالت الصحيفة: "إن إسرائيلية الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس كانت أكثر تطرفا من مضيفه الإسرائيلي إيهود أولمرت" مضيفة أن بوش "قدم ما قد يوصف بأنه أكثر كلماته خطورة في إعلان الانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل".
ومن جانبه، قال سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس في تصريح معلقا على خطاب بوش في الكنيست: "خطاب الرئيس الأمريكي كان خطابا توراتيا بدا فيه بوش حاخاما من الدرجة الأولى". وأضاف: "إن الخطاب امتلأ بالنصوص والقصص التوراتية وهو ما يؤكد أن دعم بوش للاحتلال ذا دوافع عقائدية أكثر من أي شيء آخر".

رؤيته للشرق الأوسط

وبجانب استخدامه الإشارات الدينية لإظهار الدعم لإسرائيل شدد بوش على "أن بلاده هي أقدم وأفضل صديق لإسرائيل"، وتجنب الحديث عن الوضع الحالي المتأزم بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومفاوضات السلام المتعثرة بين الجانبين، وأفرد بدلا من ذلك مساحات للحديث عن رؤيته للشرق الأوسط بعد 60 عاما.
كما عرض الرئيس الأمريكي لتوقعاته للشرق الأوسط خلال الـ60 عاما المقبلة، حيث توقع "أن تحتفل إسرائيل بمرور 120 عاما على قيامها كواحدة من أعظم الأنظمة الديمقراطية في العالم" وأن يحظى الفلسطينيون "بالوطن الذي طالما حلموا به ويستحقونه" بعيدا عن "إرهاب حماس وحزب الله وإيران".
كما توقع خلال كلمته أن تعم الديمقراطية بلدان الشرق الأوسط في ظل تطبيع شامل مع إسرائيل، متنبئا بتغير أنظمة كل من سوريا وإيران.
وقال: "من القاهرة والرياض إلى بغداد وبيروت، سيعيش الناس في مجتمعات حرة ومستقلة؛ حيث ستعزز الرغبة في السلام بالعلاقات الدبلوماسية والسياحة والتجارة.. ستصبح إيران وسوريا دولتين سلميتين؛ وسيتحول القمع القائم اليوم إلى ذكرى بعيدة والناس لديهم حرية التحدث بما يدور في عقولهم وتطوير مهاراتهم".
وعلق محللون ودبلوماسيون علي توقعات الرئيس الأمريكي واعتبروها في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" مجرد أحلام وهلاوس.

"مجرد هلاوس"

من جانبه، قال الدكتور محمد شاكر سفير مصر السابق في لندن ورئيس المجلس المصري للعلاقات الخارجية أن مضمون خطاب الرئيس الأمريكي يمكن تصنيفه "في إطار الهلاوس والأحلام السياسية فهو يتخيل العالم بدون منظمات لمقاومة المحتل وهذا يتعارض مع أبسط قواعد المنطق والواقع السياسي المتعارف عليه دوليا".
وأضاف خلال حديثه لـ"إسلام أون لاين.نت": "ربما يحدث العكس فإذا استمر الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية وبقيت أعمال العنف والإرهاب الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ربما تظهر منظمات أخرى للمقاومة تتبنى مواقف حادة في مقاومة المحتل، وهذا هو الأمر الأقرب إلى الواقع بصرف النظر عن توقعات وأحلام الرئيس الأمريكي".
ويتفق السفير عبد الرءوف الريدي سفير مصر الأسبق بواشنطن مع رأي الدكتور شاكر قائلا: "إن وجود منظمات عربية تحمل السلاح ارتبط بوجود إسرائيل كدولة محتلة وغاصبة للأرض العربية".
وبدورها قالت الدكتورة فاطمة خفاجي أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: "غلبت على كلمة بوش الروح الدينية المتطرفة والمتناقضة مع جميع الأعراف السياسية مما يثبت جهل الرئيس الأمريكي بالقواعد التي ظل الرؤساء الأمريكيون حريصين على الالتزام بها شكلا على الأقل بحيث يدعون الحياد أمام القضايا الدولية المعقدة